علوم اللغة العربية متعددة, والسؤال الذي يُطرح دائماً على المتخصص في اللغة العربية سواءً من متعلم أو إنسان عادي هو :
ما تخصصك الدقيق ؟ فبجيب (علم اللغة) .. ترى الدهشة على وجه السائل , لأن المتعارف عليه في اللغة العربية : النحو والصرف والبلاغة والأدب، لذلك يجب أن نُعّرف بعلم اللغة , والمجالات التي يبحث فيها علم اللغة .
علم اللغة : هو العلم الذي يبحث في اللغة , ويتخذها موضوعاً له, ويدرسها من النواحي : الوصفية والتاريخية , والمقارنة. وهو : متخصص بالكلام أوالدقة ,
أي هذا العلم متعلق بذات اللفظ ومعناه , فهو يدرس أوضاع المفردات في مجموعها التي يتكون منها لسان من الألسنة ..
ومن الواضح أن هذا العلم يهتم يدرس المناهج والمقارنات اللغوية , وربما اتسع مفهوم علم اللغة ليشمل دراسة الصوت البشري كوسيلة من أهم وسائل التعبير الإنسانية , فهذا العلم يختص باللغة , واللغة في تعريف ابن جني في خصائصه : مجموعة أصوات يعبر بها كل قوم عن سماتهم وخصائصهم .
لذلك لا بأس من أن ننعت مدارسات هذا العلم , بعلم اللسان العربي , أو علم اللسانيات العربية , أو علم كلام العرب , أو علم المنطق العربي , وهذه التسميات لعلم اللغة وخاصة بعلم اللسان , ليست حديثة على اللغة العربية بل ذكرها زهير بن أبي سلمى في معلقته:
لسان الفتى نصفٌ , ونصفٌ فؤاده فلم يبقى إلا صورة اللحم والدم
علم اللغة هو بعينه كلام العرب أو علم اللسان العربي , لذلك يجب أن نبين قيمة دراسة الأصوات ومزاياها في هذا الفيديو :
1- الدراسات الصوتية أثر كبير في مجال اللغة والبحث فيها , وخاصة في وضع أبجديات دقيقة للغة , فالصوت يجعل من الممكن إعطاء رموز مفصلة لكل في اللغة ومن أمثلته: كتابة الفتحة الطويلة برمز الياء مثل (دعى) فطبقة الصوت توجه كتابته على الألف اى ، ومثل الأصوات التي تكتب ولا تنطق مثل :عمرو و الألف بعد واو الجماعة.
2- دراسة الأصوات مهمة جدا لصرف اللغة ونحوها ، ولا يمكن دراسة الصرف دراسة صحيحة بالاعتماد على الوصف الصوتي فليس هنالك علم للدلالة بلا صرف ولا علم للصرف بلا أصوات. تركيبة الكلمات وربط الصرف بالأصوات وتظهر من دراسات العلماء القدماء أن التغيرات التي تطرأ على أبنية الكلمة العربية تعتمد على الأصوات
3- علاقة النحو بالأصوات فهي علاقة ضرورية ،لأن النحاة العرب يعتبرون دراسة الأصوات قسم من أقسام النحو الكبرى كما يفعل الغربيون فالنحو في نظرهم ناقص بدون دراسة الأنماط التنغيمية.
4- لدراسة الأصوات صلة قوية بالدراسة المعجمية فلا بد للمعاجم أن تستعين بالأصوات، لذلك معظم مقدمات المعاجم تحتوي أصوات اللغة مثل: معجم العين، وتهذيب اللغة ،وجمهرة العرب أو لسان العرب، مما يدل على حاجة هذه الدراسة للأصوات.
5- لعلم الأصوات صلة قوية بالمعاني التي تدل عليها الحروف والكلمات، فتحديد المعنى يتوقف أحيانا على الطريقة الصوتية: كالنبر والتلوين الموسيقي .
6- علم الأصوات مهم للباحث اللغوي إذ لا يمكن الأخذ في دراسة لغة أو لهجات دراسة علمية ما لم تكن مثبته على وصف أصواتها وأنظمتها الصوتية.
لذلك دراسة الصوت الإنساني يكمن على أساسها تحليل عناصر الكلام واتخاذ مناهج محددة للدراسة فمنهج للأصوات ،و آخر للتشكيل الصوتي وللصرف والنحو، وفي الآونة الأخيرة اخذ علماء اللغة المحدثين يعمدون إلى زيادة التخصيص في عنونة أبواب الدرس اللغوي حيث يفضل بعض الرواة في هذا الميدان من الدرس أن يسموه :بعلم (اللسان البشري) أو بعلم (اللسان العام) فإذا أرادوا تفريغا على سبيل التخصيص قالوا):علم الألسنة العربية) أو علم (اللسانيات). واخذ يركز هذا العلم على المعامل الصوتية و تأثر رواد هذا العلم بعلماء الغرب مثل: ( دانيال جونز) (ماريوباي ) (فندريس). وغيرهم من علماء الغرب، وعلماء اللغة المحدثين ألفوا كتبا قيمة في علم الأصوات وأبدعوا وردوا في مواقع كثيرة على علماء الغرب، معتمدين ما توصلوا إليه عن طريق المعامل الصوتية، وعن طريق تشريح الجهاز الصوتي ،ونذكر بعضهم لا على سبيل الحصر. د/رمضان عبد التواب ،د/كمال بشر، د/إبراهيم أنيس، د/ تمام حسان، د/عبد الرحمن أيوب وغيرهم . وقد درسوا بدقة جهاز النطق الإنساني، و بينوا كيف يحدث الصوت الإنساني؟. ودرسوا مخارج الحروف وصفاتها ووظائفها مما رفع من شأن علم اللغة في العالم العربي، مما زاد من إقبال الدارسين على هذا العلم و أصبح تواصل بين المشرق والمغرب ،وخاصة دراسة اللهجات التي تتدرج تحت هذا العلم ،ونحن نعرف أن العالم العربي يحوي لهجات كثيرة ومتعددة .
وبعد هذه الدراسة نستطيع أن نحدد المجالات التي يبحث فيها علم اللغة حتى يتعرف القارئ ما المقصود بعلم اللغة ؟
1- دراسة الأصوات التي تتألف منها اللغة ويتناول تشريح الجهاز الصوتي لدى الإنسان، ومعرفة إمكانات النطق المختلفة الكامنة فيه .ووصف أماكن النطق ومخارج الأصوات وتغيرها ،وكل هذا يتناوله فرع خاص من فروع علم اللغة (علم الأصوات).
2- دراسة البنية و البحث في القواعد المتصلة بالصيغ واشتقاق الكلمات وتصريفها وتغير بنية الألفاظ للدلالة على معاني مختلفة، وهو فرع من علوم اللغة يسمى (علم الصرف) .
3- دراسة نظام الجملة، من حيث ترتيب أجزائها وأثر كل جزء منها في الأخر، وعلاقة الأجزاء بعضها ببعض. وطريقة ربطها وهذا النوع من علوم اللغة هو (علم النحو) .
4- البحث في نشأة اللغة الإنسانية، يبحث بعض النظريات منها ،كيف يتكلم الإنسان هذه اللغة؟
والبحث في حياة اللغة وتطورها في نواحي :الأصوات ،البنية، الدلالة ،التركيب صراع اللغات ،وانقسامها إلى لهجات، وصراع اللهجات وتكون اللغات المشتركة.
فعلم اللغة مجاله واسع والمتخصص في علم اللغة عليه إتقان جميع فروعها من نحو، وصرف، و أصوات، وضرورة إلمامه بالدراسة المعجمية ،ومعرفته باللهجات العربية، فهو أوسع علم في العربية لأنه يشمل أكثر علومها.